شُرحت لي طريقة اللعب إلى يومنا هذا ثلاثة مرات. المرة الأولى كانت في عام 1996 في الخيمة الرمضانية في فندق هيلتون العين. شرح لي بعض من زملاء المدرسة آنذاك لعبة تسمى بالطرنيب. ثم عاد فلان وآخر يشرحون بإسهاب أكبر وأمثلة أكثر ولكن مع ذلك كله لم أفهم! كنت أحس بحلقة مفقودة تفصلني عن فهم قوانين اللعبة أو فهم جمالياتها. المحاولة الثانية كانت في عام 1998 نفس سنة دخولي لجامعة الإمارات. وكانت ولا زالت داخلية الطلاب ناديا ومجمعا لكل عاشقي الكشتينه. وكما غرني المنظر قبل عامين في الخيمة لرمضانية فقد أثارني المنظر أكثر بين الشباب السودانيين. فسألت صديقي (خالد ميرغني) بشرح اللعبة وكانت (ويست). وبالفعل قام واجتهد ، واشعل السيجارة التي لا تفارق فمه ، وشرح بإخلاص وتصبب عرقا... ولكن مع ذلك لم أفهم ومازلت تلك الحلقة مفقودة!
المرة الثالثة كانت في الأسبوع الماضي عندما زرت صديقي (أشرف رشـوان) في مدينة (لونج بيتش) بكالفورنيا. ولأن الدنيا رمضان ، وما أحلى السمر في مقاهي مدينة (أنهايم) حيث ترتكز الجالية العربية بولاية كالفورنيا.. ذهبنا إلى مقهى (الكرنك) حيث الجو العربي الفريد ، وصوت سيدة الشرق يعلو فيقول (هل رأى الحب سكارى مثلنا؟) ثم يحن فيغن (بعيد عنك حياتي عذاب)! دعاني حديث أشرف مع جماعة من بلاد الشام عن لعبة الطرنيب إلى وقع اختياري عليه ليكون ضحيتي الثالثة! وبالفعل شرح أشرف اللعبة ، وسحب نفسا عميقا وراء آخر من الشيشة كي يستجمع قوى أفكاره ، فجاوب وعلل وفسّر... تخيلو ماذا؟ لقد فهمتها لأول مرة!!! ثم شرح لي بعدها الفرق من لعبة (ويست) عندما حضر قوم من الشباب السودانيين. والطريف في الأمر أنه كما يخالف السودانيون سائر العرب في الموسقى وتفردهم بالسلم الخماسي ، فهم كذلك في الكشتينة. فمعظم العرب – الشوام والمصريون خاصة – لا يلعبون سوى الطرنيب ، أما السودانيون – الشباب منهم – فلا يستأنسون إلا بالويست. يبدأ دور اللعب في الطرنيب من اليسار لليمين أما الويست فهي على العكس. لعبة الطرنيب تنتهي بعد احراز أحد الفريقين لواحد وستين نقطة (سلم سباعي) ، أما الويست السودانية فتنتهي عند خمسة وعشرين نقطة (سلم خماسي)!!!
ومع إصرار أشرف لعبت ثلاث أو ربما أربعة (راوند) في الطرنيب. ولا فرار من الاعتراف والقول بأني قد أعجبت بها ، وقد أحرزت تقدما ملحوظا حسب رواية وتحليل الخبراء. ولكن... عقدة ما في داخلي كانت تدعوني للقيام من الطاولة. شيئا ما كان يدفعني أن لا أكثر من اللعب فأسقط في شرك الغرام... صوت ما كان يقول لي أن في الكرسي صمغ كلما جلست عليه أكثر قلت فرص النجاة...