Harith's Space!

In "Harith's Space!" I share some personal feelings, memories, thoughts and observations. Help me to make this space positive by allowing me to learn from your feedback.


مدينة سان بيرناردينو قد لا تكون ملهمة المنظر ، ولا مسرحا للشاعر والفنان. فهي مدينة صغيرة في جنوب ولاية كالفورنيا. إيقاعها بطيء ، ومعظم سكانها من الطلاب والعاملين بالجامعة ، وآخرين اختاروا التقاعد فيها. ومع ذلك فلها وقع خاص في قلبي.



حللت عليها أول مرة في الليلة الآخيرة من عام 2002 عندما جئت لدراسة الماجستير في علوم الكمبيوتر. جئت وأن أحمل الكثير من الأفكار.. أو لعلها فوضى الأحلام. فتارة تأتيك فكرة تثير في قلبك الكثير من الأمل ، وأحيانا كثيرة أخرى ترى نفسك في غرفة مظلمة داكنة السواد ، وأنت تسمع وحوش الغربة تحاوطك من كل مكان. فلا تدرك أين المفر. ولا تجد غير أقرب الأقربين إلى قلبك حتى تكشف عن ما فيه... عبر الأسلاك. وأنت تعلم بأن الأسلاك ماهي شفاء ، وإنما مُسَكِن لآلام قارصة. وأحيانا أخرى لا تريحك حتى أحن المسكنات ، فلاتجد غير القلم والدفتر وعاءا صبورا لكل هذه الفوضى. كتبت أيامها وأنا في تلك الغرفة المظلمة فقلت:


"إنها وحدة يقشعر منها البدن ، ويغيب عنها صوت الأمل ، فيظل حصن الوحدة مسيطرا ، فيطغى ، ويقهر ، ويستبد ، ولا يرق له قلب ، ولا ينفع معه لا دمع ولا رجاء ولا توسل. فنعلن الخضوع ، ونحني ظهورنا كرها ، ونقَّبل قدميه قبل يديه ونقول: السماح سيدي.. فنحن عبيدك حتى تأذن لنا. فمتى سيأذن؟!.. وكل خوفي أن لا يأذن!".


بكيت.. حتى وجدت الصحبة.. أعز الأصدقاء: (فيشال) من الهند ، (فولكان) و (بكيت) من تركيا. فرقتنا الأصول والحدود ، وجمعتنا الغربة وآلامها. فنسينا أوتناسينا الآلام بالأحلام ، وتجاوزنا همهمات النفوس بأطيب الحديث.

ويوم دقت الساعة معلنة موعد الرحيل عن سان بيرناردينو ، بكيت من جديد. اكتشفت حبي للناس والمكان. أيقنت كم كنت محظوظا بتلك الرفقة. تذكرت المحاضرات ، والمشاريع ، والواجبات ، والسهرات في مختبرات الجامعة حتى الفجر. تذكرت شهامة (فيشال) وحسن نواياه. أدركت كيف استطاع كسر حصن وحدتي بأفعال بسيطة في عددها ، وكبيرة في معناها. تأملت في كرم (بكيت) المتواصل وجلسات الشاي والقهوة التركية في منزلها. تذكرت طيبة (فولكان) وحديثنا اللامنتهي عن آخر تقنيات البرمجة. ضحكت على ذكريات طريفة ، وارتجف قلبي لأخريات.


وها أنا اليوم أعود لزيارة سان بيرناردينو في عطلة نهاية الأسبوع ، وأنا سعيد بأن صحبتي في الطريق نحو تحقيق أحلامهم ، وسعيد أكثر لأن النفوس هي النفوس ذاتها.. محبة ، مشتاقة.


قلت وأنا أتابع منظر الهبوط: أما هكذا هي الحياة ؟ تذهب بنا أين ما شائت ، ونعود متى شئنـا ؟!


ح.ع - 16 نوفمبر 2008



Outsourced is the name of a movie that I watched on a flight from Abu Dhabi (UAE) to NY last July. I stopped in UAE for few days after two months I spent in India outsourcing!!

Apparently the movie has been out for quite sometime. It was released in 2006, however, it never occurred to me before taking this flight. Here is a little synopsis from the movie official website:

Outsourced is a modern day comedy of cross-cultural conflict and romance. Todd Anderson (Josh Hamilton) spends his days managing a customer call center in Seattle until his job, along with those of the entire office, are outsourced to India. Adding insult to injury, Todd must travel to India to train his new replacement. As he navigates through the chaos of Bombay and an office paralyzed by constant cultural misunderstandings, Todd yearns to return to the comforts of home.

I was not very pleased with Etihad’s Airlines list of 50 movies. Somehow all movies did not appeal to me. While browsing the list, I got caught by the name of this movie, so I decided to watch it (or at least part of it) while having my dinner.

I finished my delicious dinner, but decided to delay my nap and continue watching. From the first ten minutes I started to laugh. I was quickly able to relate to personal experience. For someone who has been to India twice to outsource software maintenance work, I felt the story and events were very true.

In my opinion, the message of the movie was in a sentence that one of the Indian co-workers said to Todd in the middle of one argument. He was frustrated how all his plans aren’t working and how he is not meeting a single milestone. The Indian co-worker said in full confidence: “You must understand the culture first!”

There is a misconception that India’s pool of resources is able to turn the hell to a heaven on the fly. Managements are usually distracted by exciting and promising financial reports and charts. They look to outsourcing as the silver bullet for solving all expected and unexpected problems. I see that management usually miss one of the most important aspects, and that is team maturity. Building a team is not an overnight assignment. It is a process that takes a lot of time, effort and patience. Depending on the team maturity and project complexity, it could take anytime from weeks to years!

I would like to share a very personal view. US management expectations are usually unrealistic. At the same time, India’s management over commit themselves. There is always a gap in communication and in managing expectations. It is clear that anything in the United States in based on a process. This is however not the same for India and so many other third world countries. This makes US processes and scales lack huge cultural differences, therefore they cannot be applied overseas. In my opinion, there must be cultural-oriented scales and metric for managing development teams overseas. Managing overseas teams should also be led by people who understand both cultures in order to bridge the gaps.

To make a very long story short, outsourcing is indeed a mutual learning experience. You teach how to do the work and you learn by time how to get things done! Again, from personal experience, software outsourcing is excellent on the long run, but definitely not advisable for hitting short-term goals. It can be devastating.

The movie is a very good one and funny as well. I highly recommend it especially if you’re curious to know more about outsourcing, and/or you’re about to visit India for an outsourcing mission!


ابتهجت مدينة سان هوزي بولاية كالفورنيا بدأ شهر نوفمبر بحفل من أروع الاحتفالات. وعندما تتواجد الروعة فلابد أن يكون الكابلي هو سر تلك الروعة. كان لي شرف تقديم الكابلي للجمهور. التالي هو ما قلت في التقديم:




مساء الخير. مساء معطر بريح الشعر ، وبخور النغم.

بكل الحب نلتفي ، وما أحلى أن يكون اللقاء في حضرة عملاق كالأستاذ عبد الكريم الكابلي ، والعازف الموهوب سعيد العاقب. فلهم أطيب التحايا.

وقبل أن أخوض في محاولة لتقديم الأستاذ عبد الكريم الكابلي ، لا بد أن أشكر كل من وقف وراء تجمعنا الجميل في هذا اليوم. إلى كل الأخوة الذين جعلو من الخيال حقيقة. وعندما يكون الخيال عن الكابلي ، فتظل الحقيقة دائما أروع من الخيال! أود أن أخص بشكري الأخوان إبراهيم مأمون ، سيف جبريل ، ميرغني هجام ، وإلى الزوج الحماس جميلة و عبد الرحمن عوض. وبلا شك نشكر اللجنة التنفيذية لرابطة شمال كالفورنيا. الشكر موصول كذلك إلى زميل الدراسة أخي وصديقي سعد عبد الكريم الكابلي.

وفي تقديم الأستاذ عبد الكريم الكابلي تتزاحم الحروف ، وتتداخل ، ثم تتراقص في دلال.. حتى تصتدم بأجمل الأشعار وأرق الأوتار. فتزداد الحروف حيرة في وصف كل هذا الجمال! وأزداد أنا عجبا أي الحروف أنتقي كي أشكل لقبا شاملا له. هل ألبسه ثوب الانسان االذي أوصل رسالة الفن عن عقيدة وإيمان فأقول فنانا؟ أم أقرأ كلامه حتى يصيني الإلهام فأقول شاعرا مسحورا؟ أو استمع لمقطوعاته الموسيقية ومغازلته لأوتار العود بأنامل من حرير.. في حنان ، فأقول موسيقارا جبارا؟ أم ياترى أترك كل هذا وذاك وأكتفي بسماع حديثه فأقول فيلسوفا أو مفكرا من زمان غير هذا الزمان ؟ توصلت أخيرا أنه ليس من بين كل هذه الكلمات ما يرضي أو يشفي غليلي ، وقلت أنه لا بد من ابتكار لقب جديد يجب أن نسعى لإدخاله قاموس اللهجة السودانية. فكرت وأنا أنتف شعيرات من رأسي وجدتها بصعوبة حتى وجدت اللقب ! فنقول إلى من يملك كل هذه الصفات مجتمعة: الفنان ، الشاعر ، الملحن ، المفكر ، الفيلسوف ، نقول أنه انسان كابلي! أو بالعامية الدارجة نقول (الزول ده كابلي شديد!). واليوم أنا كلي فخر أن أقف في تقديم الكابلي عبد الكريم الكابلي.

واليوم بعد عشرة سنوات.. يعود الكابلي إلى نفس المكان.. لمدينة سان هوزي وإلى ناس سان هوزي . عاد إلى سان هوزي وقد رق قلبه لها من قبل فأسماها الحاج يوسف! شكرا أيها الكابلي على الحضور ، وتلبية نداء معجبيك وقد جاؤوك اليوم من كل مكان. وجمهور الكابلي كثر ، أما المصابين بداء عشق الكابلي فهم أكثر. وهذا الداء مزمن ولا خلاص منه. أعراضه الادمان على سماع صوت الكابلي ليلا نهارا ، وعلاجه الاستمرار على سماع صوت الكابلي ليلا نهارا !

شكرا أيها العزيز ، وعزيز القلب غال.. شكرا على وفاءك بالوعد ، وما كنت يوما ضنينا بالوعد. علك شعرت بغربتنا ، وأنت عليم بأن الغربة أقسى نضال ، وإنه ليلنا لصباحنا سؤال. ويوم عزمت المجيء تفشى الخبر ، وذرع وعم القرى والحضر. وآه لو بتعرف كيف من يومها يلح الشوق ويسأل ، وكيف ترق أشواقنا ترمز لعيونك ، وكيف الشوق بيغري الخيال.. لكين دي ما ريده كمان شديدة.. كمان جديدة. ويوم ظهرت.. جئت بنور وزهور وعطور واستلمت المجال..

أيها الكابلي ، انت فينا كبير وريدنا ليك كتير .. القومة ليك يا كابلي.. القومة ليك يا كابلي.. القومة ليك يا كابلي.

الكابلي عبد الكريم الكابلي.



















في أحد الأيام سألني الموظف في بوابة الدخول بفضول من أي البلاد أتيت. قلت من السـودان. فنظر إلي بإعجاب كبير ، ثم سأل أليس السودان في شمال شرق أفريقيا؟ فأجبت بإيجاب ، فازداد بسمه. قال أنه لم ير أحدا من السودان قط في هذا المكان. سألته من أي البلاد هو ، فقال اليابان. فنظرت له أنا هذه المرة بإعجاب شديد وقلت زرت طوكيو وقد أحببتها بكل ما فيها.

وفي نفس اليوم في وقت لاحق مررت بالرجل الياباني من جديد ، فأشار إلى ثم قال لقد تذكرت أمرا مهما نؤمن به هنا في منتجع أوشو ، وهو إن زارنا شخص من بلد جديد علينا ، فإن السلام سيعمه عن قريب. ابتسمت وأنا أذكر دارفور فقلت له آمين آمين آمين!

الناس معظمهم من أوربا ، ولسبب ما معظمهم من النساء وبمعدل جمال عال جدا جدا! وربما كان لذلك شأن آخر في زيادة الاسترخاء! تحدث مع عدد.. فالجميع هنالك يشتركون بصفة جميلة وهي التحدث مع أي شخص ، وحب التعرف على أخوانهم المتأملين! تحدثت مع فرنسية قد تكون في منتصف الأربعين جاءت للتعرف علي شوقا لتحدث الفرنسية ، فاحبطت عندما عرفت بأني مابها بمتحدث! قالت أنها كانت تعمل في برامج الأمم المتحدة في أفريقيا ، فعملت في دول أذكر منها يوغندا وكينيا. قالت أنها أتت إلى هذا المكان كي تنسى كل ما رأته.. تريد أن تنسى منظر الخوف ، والقتل ، والدم.

أما (ماريا) الأرجنينية فهي صغيرة ومجمال الوردة التي أوشك موعد تفتحها ، أكاد أشك أنها قد بلغت العشرين. قالت أنها جاءت من الأرجنتين خصيصا لتبقى في هذا المنتجع لثلاثة أشهر. جلسنا على طاولة الغذاء ، وطوال النصف ساعة لم تحك عن نفسها إلا القليل. كانت لا تضحك ، وإن ابتسمت فهي ابتسامة حزينة. أحسست أن فكرها في مكان آخر ، قطعا لم يكن معها في تلك اللحظة ، ربما كان لا يزال في الأرجنتين. جعلتني (ماريا) أفكر فيما بعد مالذي رأته هذه الشابة في حياتها القصيرة ، حتى تقطع دراستها و تهرب من الأرجنتين ، وتشق بحارا ومحيطاتا لتستقر في هذا المكان لثلاثة أشهر!


BRAKFAST MENUS

BRAKFAST MENUSفي كل يوم بدءا من السادسة صباحا إلى السادسة مساءا تقام أعداد كبيرة من جلسات التأمل في قاعات هادئة جدا جدا ، ومبنية من جدران وشبابيك عازلة للصوت. معظم الجلسات تستغرق ساعة واحدة. هناك على سبيل المثال جلسة اسمها

Silent Meditation

حيث يجلس المشاركون على مساند في الأرض على أرضية من الرخام ، في غرفة خافتة الإضاءة ، ومحاطة بزجاج عازل للصوت. يجلس الجميع على المسندة ويغلقون أعينهم لساعة كاملة وفي أثناء ذلك يستمعون (يتأملون) أصواتا خارجة من مسجل وضع في منتصف الغرفة. المسجل به تسجيلات لأصوات نسمعها بشكل يومي ، ولكن دون أدراك أو تركيز ، كزقزقة العصافير ، خرير الماء ، صوت قطار متحرك. الكل يستمع بتأمل لبداية ونهاية كل صوت.


المكان بلا شك منتجع.. فهو كواحة خضراء في مدينة لا ترى اللون الأخضر كثيرا. وإن رأيته لاحترت داخل نفسك ، وسألت أأخضر كان فاصفر أم العكس؟! اللباس الرسمي داخل المنتجع ولكل الأعضاء والموظفين هو الروب ذا اللون الماروني ، ويمكن شراؤه من محل في داخل المنتجع نفسه ، أو من محلات كثيرة حول المركز.

الناس جميهم منتعشون ، فيتحدثون بهدوء وابتسام. الناس وكأنهم في عالم آخر.. أجساد متحركة ، ونفوس سابحة في دنيا أخرى. في المنتجع مسبح جميل جدا بحجم أولمبي ، تجد الكثيرين (وكنت أحدهم!) يستجمون حول المسبح ، إما قارئين أو نائمين. هنالك مطعم كبير ، وأكثر من مقهى. كذلك غرف استحمام ، فندق ، عيادة ، بنك ، و مكتب بريد! أي باختصار يمكنك أن تقضي أشهر وأشهر دون الحاجة للخروج من المنتجع أبدا! وذلك ما عرفت لاحقا أنه ليس سوى حقيقة لكثيرين!

ذهبت للمنتجع ثلاثة مرات ، ومتى ذهبت تجد نفسك لا تستطيع المغادرة قبل حلول الظلام. فالمكان ممتع ومنعش ، بل ومريح نفسيا. في المكان صفاء جميل للنفس والعقل ، وفرصة نادرة للتأمل في السكون ، وخضرة الشجر ، وزرقة الماء ، وقدرة الخالق العظيم...

عندما زرت مدينة (بونا) الهندية قبل عام عرفت أن معظم السائحين في مدينة (بونا) إنما يأتون خصيصا لأجل منتجع (أوشو) للتأمل

Osho Meditation Resort.

لم تحن لي الفرصة تلك المرة لزيارة المكان ، فقد عرفت أنه ليس بالمكان الذي تزوره لتغادره بعد سويعات ، وإنما يأتيه الناس من أقاصي الأرض ليقضوا الزائرين إليه أياما وأيام! شائت الأقدار أن تخطو خطواتي هذا العام حتى تصل لبونا من جديد ، فعزمت داخل نفسي أن أكتشف المكان بعد ما أثار في نفسي فضول مثير.


ذهبت لمكتب التسجيل في صباح يوم سبت غائم وبه رذاذ لطيف.. ذاك الذي ينعش. استقبلتني فتاة سمراء ترتدي الروب الماروني اللون وهو اللباس الرسمي لكل الزائرين. أول ما رأيت هذه الفتاة شهقت من الدهشة ، فقد كانت تشبه بشكل غريب بل مثير صديقة لي في سان فرانسسكو! سألتها فيما بعد- وأنا لا زلت أتأمل الشبه العجيب - من أي البلاد أتت ، فقالت أنها من جنوب الهند.. مدينة كـيرلا. أتممت إجرائات التسجيل ، وأجريت فحص الإيدز كي أثبت براءة ذمتي ، واشتريت من نفس المكان الروب الماروني ، وتم قبولي عضوا في منتجع أوشو للتأمل!


ولا زال كثير...



From SudaneseOnline.com

...وتحققت المعجزة فى مصر على يدى الكابلى !!

أسماء الحسينى

Alshareefaasmaa224@hotmail.com

كانت ليلة من أبهى الليالى تلك التى استقبلت فيها نقابة الصحفيين بمصر وهى فى أبهى حلة الفنان السودانى الكبير الدكتور عبد الكريم الكابلى من أجل تكريمه ،هذا الرمز والعلم السودانى ،الذى جمع بين الأدب والثقافة والشعر والغناء والتلحين والبحث فى التراث والأدب الشعبى السودانى .

حيث تجمعت أعداد كبيرة من المصريين والسودانيين لتحية هذا الفنان الكبير الذى وقف يصدح أمام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قبل 48عاما بأغنيته الشهيرة أنشودة لآسيا وأفريقيا للشاعر الكبير تاج السر الحسن ،وتقول بعض أبياتها المؤثرة التى رسخت وأرست حب مصر فى الوجدان السودانى :

مصر ياأخت بلادى ياشقيقة

يارياضا عذبة النبع وريقة ياحقيقة

مصر يا أم جمال أم صابر

ملء روحى أنت يا أخت بلادى

سوف نجتث من الوادى الأعادى

ولقد مدت لنا الأيدى الصديقة

وجه غاندى وصدى الهند العريقة

صوت طاغور المغنى بجناحين

من الشعر على روضة فنى

يادمشق كلنا فى الفجر والآمال شرق

وقد عاد الكابلى اليوم ليغنى الأغنية ذاتها ،لكنه يفعل ذلك فى ظل ظروف مغايرة تماما عن تلك التى غنى فيها أغنيته أول مرة ،يوم كان المد الثورى يجتاح العالم العربى وحركة عدم الإنحياز فى أوجها وحركات التحرر الوطنى تتقدم فى قارتنا السمراء لتنفض عن كاهلها نير الإستعمار وآثاره .....جاء الكابلى هذه المرة بأغنيته التى كانت تلهب حماس الجماهير والقادة فى الستينات ،ليغنيها اليوم فى القاهرة قلب العروبة المكلومة المبعثر كيانها التى تتقاذف دولها أنواء كثيرة ،جاء الكابلى ليثير شجون الجماهير وحماسهم ويبعث فيهم الروح والأمل من جديد ،لتلتهب الأكف تصفيقا وتسبح الأرواح مع صوته فى السماوات العلى .

إن حديث الكابلى يطرب مثل غنائه تماما ،ولقد بدأ حديثه كلاما حلوا يعبر عن الإمتنان لتكريمه ،ثم شعرا ينساب جداول من شهد وعسل ،وهذا الرجل إذا تكلم تمنيت ألايصمت أبدا ،يستمتع بحلو حديثه وفنه المثقفون والعامة على حد سواء.

ما أجمل شعره الذى يحمل قبسا من ضياء روحه الصافية النقية التى ترك فيها التصوف الذى يدعو إلى التسامح والمحبة أثرا واضحا ،ويحمل أيضا خلاصة رؤيته وفلسفته وحكمته فى الحياة ،سواء تلك القصيدة التى تحدث فيها عن روضة الأطفال ،وفيها يغبط الأطفال على عيش السعداء ،ويتمنى لو ظللنا نحمل روح الأطفال فى دنيانا ،لانتخلى عنها أمام تقلب الحياة وصراعاتها ،أوقصيدة "التفاحة " تلك التى تتحدث عن الحياة وأحوالها أو تلك التى كتبها لانتفاضة 1985التى يختتمها بالدعوة إلى العمل .

كان الأستاذ الكابلى فى قمة تألقه يوم تكريمه فى نقابة الصحفيين بالقاهرة ،وغنى يومها كما لم أره من قبل ،وحدثت على يديه المعجزة فقد انفعل المصريون بفنه وآدائه وغنوا معه كما لم يفعلوا من قبل ،ورددوا معه أغانيه وحلقوا مع صوته فى سماوات الفن طربا وإنتشاء ،كنا فى السابق كمصريين نفهم الأغانى السودانية بصورة أو بأخرى تتفاوت من شخص لآخر كل على حسب كسبه،و لكننى شعرت ان الكابلى فى هذه الليلة جعلنا جميعا نتذوق الفن السودانى ونطرب له كما يتذوقه ويطرب له السودانيون ،وقد أكد لنا الكابلى فى تلك الليلة الرائعة أن السودان يذخر بغناء جميل وطرب أصيل يستحق أن تصغى له الآذان وتهتز له القلوب .

لم أر مثل هذا المشهد من قبل ،وعذرت إخواننا السودانيين الذين كانوا يعيبون علينا دوما أننا لانتذوق الفن السودانى ولانحاول فهمه ولانلقى له بالا ....لكن ها نحن اليوم ننفعل به ...نغنيه ونشدو به ونترنم ....لم أصدق عيناى وأذناى ....هل ماأرى وأسمع حلما أم علما .....شعرت أن معجزة إلهية قد تحققت على يدى الكابلى ،لنستمع ونستمتع بهذا الفن الجميل والكلمات الراقية بهذا الشكل الكبير .

كنت من قبل أجتهد لكى أفهم الأغانى السودانية ،وأطرب حينا وأبعد حينا ،وكنت أقول لأصدقائى وإخوانى فى السودان :ماذا لو قدم السودان كل عام أغنية ليفهمها المصريون والعرب كما فعل الراحل سيد خليفة ؟

فيجيبوننى غاضبين :أنتم لاتريدون فنانين ولافن ،انتم تريدون مهرجين وتهريج ...إن أغنيات سيد خليفة الحقيقية لم ولن تسمعوها ،والأغنية أو الأغنيتان اللتان تسمعوهما لاتعبران عن فنه الحقيقى .

أقول لهم :ماذا لو قربتم الفن السودانى للأذن المصرية والعربية ؟

فيقولون لى محتجين :ليس مطلوبا منا ان نقطع أذننا لكى نقترب من أذنكم .

أقول لهم : افعلوا كما فعلوا فى مدحة مصر المؤمنة بغناء شرحبيل أحمد وعلى الحجار وإيهاب توفيق ومى فاروق وفرقة عقد الجلاد.

فيردون ساخطين :خربتم المدحة ....الله يسامحكم .

فأقول لهم :لا عليكم اسمعوا المدحة السليمة اللى عندكم واتركوا لنا "الخربانة" !!

يقولون لى : أنتم لاتهتمون بالفن أو الفنانين السودانيين ،ولاتستمعون إلا لأنفسكم فقط .

فاقول لهم :معكم بعض الحق والأمر يحتاج إلى سعى متبادل ،ولكن هذا الأمر ليس موجها نحو الفنانين السودانيين ،والدليل على ذلك أننا لم نكن على سبيل المثال نعرف أحدا بشكل واسع من العراق حتى جاء كاظم الساهر ليسطع نجمه بكلمات نزار قبانى ، وقس على ذلك العديد من الأمثلة من الفنانين العرب قبله وبعده الذين جاءوا إلى مصر وصاروا جزءا من كيانها .

....كان هذا حديث الماضى ،أما اليوم فنحن فى شأن آخر ،ليس فيه أنتم ولانحن ،بل نحن جميعا معا تحت سطوة هذا الشىء الجميل ...هذا الطرب والفن الأصيل ....هذا الكشف الكبير ...الله ما أجمل ماحدث ،إنه اختراق كبير ،يجب أن يكون له مابعده .

.....هكذا قاد الكابلى جمهوره بعوده فقط ،يغنى وهم يرددون معه ...مصر يا أخت بلادى ياشقيقة .....كنت أشعر ساعتها أننا نغنى لسوداننا الحبيب .....صحيح أن السودانيين يتحدثون عن بلدهم بصيغة المذكر ،ولكننا فى مصر نتحدث عنها بلغة التأنيث ....كنت أشعر أننا نغنى للسودان الحبيب ..لأرضه الحميمة ولرياضه العذبة ....للسودان الحقيقة التى أصبحت منا ملء الروح والفؤاد ،نغنى له وللوادى كله مؤملين فى فجر جديد طال إنتظاره .

وإذ نكرمك اليوم ياسيدى فى القاهرة فإننا نكرم فى شخصك كل الرواد والمبدعين والمفكرين فى سوداننا الحبيب ،الحاضرين منهم والغائبين ،الموجودين منهم ومن رحلوا عن دنيانا ....نكرم فى شخصك ياسيدى محمد أحمد المحجوب وجمال محمد أحمد والتيجانى يوسف بشير والهادى آدم والطيب صالح وعبد الله الطيب وعثمان حسين ومحيى الدين صابر ....نحيى فى شخصك ياسيدى محمد الفيتورى ومحمد المكى إبراهيم ومحمد المهدى المجذوب وشرحبيل أحمد وتاج السر الحسن .....نكرم فى شخصك ياسيدى فرانسيس دينق ومحيى الدين فارس وإبراهيم الصلحى ومحمد سعيد العباسى وسيد خليفة ومحجوب شريف وإبراهيم الكاشف ومحمد الأمين ومحمد ميرغنى وصلاح بن البادية .

....نحيى فى شخصك ياسيدى قائمة طويلة من المبدعين والفنانين والمثقفين السودانيين ،الذين يصعب حصرهم جميعا ،والذين طال تجاهل أمتهم العربية لهم ،وآن الأوان لتكريمهم جميعا ،وخير تكريم لهم هو التعريف بأدبهم وفنونهم وإنتاجهم الغزير فى جميع مجالات الإبداع .

وإذ نكرمك اليوم فإننا نكرم فى شخصك وطنك السودان الذى له مكانة كبيرة فى قلوبنا ،لم يتم التعبير عنها بعد بالشكل الذى يليق بها ،وآن الأوان للتعبير عنها عبر التضامن والتعاضد مع السودان والالتحام ببنيه .

وإذ نكرمك يا سيدى فإننا نكرم فيك أدبك الرفيع وتواضعك الجم وثقافتك العالية واهتمامك بأدب وتراث وطنك الشعبى ....نكرم فى شخصك الرسالة العظيمة التى حملتها من أجل وحدة الشعب السودانى ....فأنت ياسيدى وأفراد قبيلتك من المبدعين فى كل المجالات من وحدتم الوجدان والمشاعر والعواطف واللغة فى السودان .

وإذ نكرمك ياسيدى اليوم فإننا نضع على كاهلك ومن ورائك من المبدعين فى السودان مسئولية نعلم أنها كبيرة ،ولكن الفن باستطاعته تحقيق ماتعجز عن تحقيقه السياسة .

وبالفعل كان تكريم الكابلى بالقاهرة تكريم لكل المبدعين الذين أثروا الوجدان السودانى بالفكر والفن والأدب ،فهو خير سفير ليس فقط لصندوق الأمم المتحدة للسكان ،ولكنه خير سفير للمحبة والإخوة والإنسانية ،وخير سفير للسودان والوادى كله .

آخر الكلام :

حبك للناس خلانى أحبك تانى

فيك الإحساس نسانى أعيش وحدانى

أنت نغم رنان

ما أنت عشم فنان زى حالى

عارفك ساحر أزمان قبالى

وأزمان هتضوى كمان وليالى

وصلت في عصر يوم كان للمطر والغيم سيادة وغلَبَة ، فلم أنعم برؤية أي شيء من نافذة الطائرة سوى سحبا وغيوما أخلت بسكون الطائرة فأدخلت في نفس (البوينج 777) حرجا كثيرا وهي تظهر الثقة ، وتدعي الثبات. السفر متعة ومشقة ، وما من متعة أكبر من أن يسافر معك أحدا كصديقي إبراهيم مأمون ، فتختفي المشقة وتظل المتعة. فضحكنا وكأننا لم نضحك من قبل وتوادعنا وكأننا لن نلتق من جديد!

لا أذكر من قال بأن قيمة البلد في انسانه ، ولكن مهما كان فقد صدق. والصدق أصدق عندما يأتي ذلك لوصف الشعب الياباني. فلو سألت ما أكثر ما أثار إعجابي في اليابان ، لأجبت دون تفكير كثير وقلت (الناس)! أعجبني روح وطريقة اليابانيين في التعامل. فإن سألت أي شخص.. غريبا كان أم قريب لأجاب سؤالك بكل إخلاص وتفاني حتى ولو لم تخدمه اللغة. فمن المستحيل أن يجيبك بسرعة بعدم المعرفة ، بل سيحاول التفكير والتحليل والاستنتاج ، كي يأتيك بأحسن وأدق إجابة مدعمة بالأدلة وأدق التفاصيل! لأمر ما كنت أعتقد عكس ذلك عن الشعب الياباني ، أو بالأحرى قد هيأت نفسي إلى غير ذلك تماما. ولكنني أحسست بترحاب كبير بكل الأجانب. ترحاب بعيد عن التصنع والتكلف. وهم يسعدون جدا ويقدرون كذلك إن حاولت نطق كلمة يابانية في السؤال أو الشكر.

قول أخير.. إن زرت اليابان ومرّت عيناك على كل ما تراه مرور الكرام ، ودون تركيز أو تأمل فقد ظلمت شعبـا! فالسر في اليابان لا يكمن فقط في التأمل في كل ما يبدو غير عادي ، بل يتعدى ذلك في إدراك الشبه بين الأشياء المختلفة ، والتشابه بين الأشياء المختلفة! فإن أدركت هذه الأشياء ، وتمعنت في سلوك وتصرف الناس لتوصلت إلى جوهر الأمر. ومهما قلت ووصفت فستظل دائما الحقيقة أروع من الخيال!

حتى حين قريب لم يُكتب لي رؤية أي من دول جنوب شرق آسيا. كان بلا شك لذلك الجين دورا في إدخال زعزعة وقلقا داخل نفسي يعلن أن معاد السفر قد وجب! أليست الدنيا إلا ملاذا لأجساد مرتحلة ومُرحَّلَة؟!

فكرت في أي إتجاه أنطلق هذه المرة فقررت السير غربا وبالتحديد لأي من دول جنوب شرق آسيا ، وبالتالي كان لابد لليابان أن تكون مفتاحي لمعرفة هذا العالم العجيب. قررت اليابان لأكثر من سبب ، أولها يعود إلى بعض من ذكريات الطفولة والرسوم المتحركة! وثانيها أن اليابان كبلد تحكي عن قصة نجاح.. لبلد وصل إلى ما هو عليه بعد علقة ساخنة بدت لكثيرين وكأنها الضربة القاضية ، ولكنها مع ذلك قامت كالملاكم العنيد لتعلن الصمود ، لتعود من جديد إلى سباق التحدي. وأمام كل قصة نجاح لابد أن يكون لنا وقفة كي نفكر ونقارن ، وإلا فلن نتعلم ولن يُكتب لنا النجاح.

أما السبب الأخير الذي دعاني إلى تحديد معاد السفر في يومه وتاريخه رغم قربه من سفري للهند هو أن أخي (إبراهيم مأمون) قال أنه سيكون في اليابان في رحلة عمل في منتصف إبريل. فقلت له أما حان وقت السفرة التي طالما تحدثنا عنها؟! وبالتالي قرر ابراهيم المكوث لثلاثة أيام إضافية حتى يتسنى لنا اللقاء.

وكان اللقاء.. في 18 إبريل 2008.

ولابد أن يكون للحديث عن طوكيو بقية أخرى!

رحل عن دنيانا في الشهر الماضي الفنان الكبير عثمان حسين. رحل عنها جسدا ، بينما ظل صوته وشذى ألحانه تغذي نفوسنا وتنعش أفئدتنا. وقد كانت لفتة بارعة من الإذاعي السوداني صالح على صالح عندما خصص حلقة يرثي فيها الفنان الراحل. استضاف في الحلقة الفنان على مهدي وتطارحوا القصص والآراء حول الراحل الإنسان والفنان. اللهم ارحم الفنان عثمان حسين بقدر ما أحب و أخلص لأمته ، وأهل أمته.


هل نعيش وحدنا في هذا الكون الشاسع الطول والعرض؟ سؤال حيّر ولا يزال يحير الكثيرين ، ويشغل فضولي منذ زمن بعيد.. منذ أيام الصبى ومنظر الكائنات والمراكب الفضائية في الرسوم المتحركة. أما الحقيقة الأخرى فأنا من أولائك المعتقدين بوجود مخلوقات أخرى في هذا الكون. والسبب بسيط.. فالأرض لا تمثل إلا جزء صغير جدا من الكون.. كحجر صغير قرب جبل كبير. فكيف نقول بأن هذا الحجر الصغير هو الوحيد الحي؟!

لقد أرسل الانسان إلى يومنا هذا العديد من المركبات الفضائية ، ولم تعد أي منها بدليل ملموس ولذا يقول الكثير بأنه الأرض هي الجزء الحي الوحيد. وذلك لا يقنعني! ربما الخطأ هو في الفرضيات التي اعتمدنا عليها في بحوثنا. لعل هذه الكائنات لا تسكن سطح الأرض ، بل تعيش تحتها ، أو في المياه ولها خياشيم كالأسماك! أو ربما كانت من الصغر أن فشلت كل المناظير في التقاطها ، وعندما حلت المركبة ( باثفايندر ) على كوكب المريخ ، اعتقدوا أنها (جودزيلا) وأن نهاية الكون قد حلت لا محاله. لم لا يكون في تلك الكواكب كذلك رسل وأديان وأنبياء ويوم حساب وحلال وحرام؟ لم لا يكونون كذلك يتسائلون إن كانت هناك حياة في الكواكب الأخرى؟!

شاركني برأيك فأنا محتار!


United Airlines recently announced plans to start daily nonstop service to Dubai, UAE from DC starting October 2008. This will be the second Middle East destination for United after Kuwait (started sometime in 2006).

It is quite interesting to see how many direct flights will soon operate between the United States and UAE. Currently, Emirates Airlines has 3 daily flights from JFK, two flights operating on B777-300 ER and one with A340-500. Emirates has two or three flights a week from Houston. What most interesting is the plan they recently revealed to have daily nonstop flights between Los Angeles and Dubai starting this summer, and between San Francisco and Dubai starting October. I like the idea of non-stop between Dubai and San Francisco, though I am not quite sure if I can do it!

Delta Airlines also has daily direct flights from Atlanta that started last year and so does Etihad Airlines from JFK.

Well, of course I am happy with that… this will help me get better deal for my next trip!

لا أذكر تحديدا مالذي جعلني أذكر هذه القصة اليوم. فبحث بين ملفاتي حتى وجدتها.. فارتحت ، وضحكت بشدة ، وسعدت لأني دونتها في حينها.

إليكم قصة من ملفاتي الخاصة!

***

العين في ديسمبر 2001

في إحدى جلساتي الهادئة وأنا أقرأ في قصة رومانسية جميلة لإحسان عبد القدوس ، على أنغام فناني المفضل عبد الكريم الكابلي ، أتتني والدتي بهدوء وكأنها قلقة من رد فعلي على ما ستأتي به ، وكان من الواضح أنها نجحت في اختيار الوقت المناسب! .. مؤكد أنها لن تجدني في حالة استرخاء وهدوء أكبر من هذه.. فقالت لي بصوت هادئ /

- يا حارس ناس (....) مسافرين يوم الأربعاء ودايرنك توصلم المطار. ألقيت الكتاب ، وسألت بقلب منفعل / - ما تقولي لَي مسافرين من مطار أبوظبي؟

قالت / لا.. لا من مطار العين ، بس تمشي ليهم الساعة 5 وخلاص

قلت في نفسي كلاما غير مفهوم ، وأبديت أخيرا شعورا بعدم الممانعة.

***

وحل مساء الثلاثاء ، ويومها عدت للمنزل قرابة الساعة الثانية صباحا وأنا في غاية التعب والإنهاك. استلقيت في فراشي ، وضبطت المنبه على الساعة الرابعة فجرا كي لا أتأخر، ومن شدة تعبي كنت في عداد النومى في غضون ثوان معدودة. وفي تمام الساعة الرابعة فجرا ، أطلق المنبه جرسه اللعين ، وليته لم يطلقه!

قمت من الفراش ، وجسمي مهدود كليا ، وعيناي تصارعان النعاس بصعوبة. صليت الفجر وقدماي تطقطقان مع كل ركعة وسجدة. فكرت مليا في كيفية إزالة هذا الشعور بالنعاس والإرهاق حتى وجدت الحل!.. كان الحل في إعداد فنجان نسكافيه ثقيل بدون حليب ، عل وعسى أستطيع الرؤية والحركة بعدها! وشربت القهوة حتى آخر قطرة... وآتت القهوة مفعولها ، فأصبحت عيناي تشبهان عينا سمكة الهامور ، ونشاطي يفوق نشاط أي ملاكم يستعد لدخول الحلبة!

ورغم الظلام الدامس ، والبرد القارس في تلك الليلة ، قدت السيارة بكل حيوية ونشاط ، حتى دفعني نشاطي للغناء بأعلى صوت مع المسجل فغنيت مع الكابلي بكل حماس وقلت " يا ضنين الوعد.. أهديتك حبي.. من فؤاد يبعث الحب نديا.. إن يكن حبك مجهول المدى ، فخيال الشعر يرتاد الثريا".. .. كل ذلك وحدي في تلك الليلة المظلمة!

وكنت في منزل (...) في تمام الساعة الخامسة إلا خمس دقائق ..

انتظرت لخمس دقائق في الخارج حتى أتى الموعد المحدد ، واقتربت من الباب وعندها أحسست بالهدوء في كل أرجاء المنزل.. وهذا ليس حال المسافرين إلى السودان خصوصا!.. لاحظت من أطراف الباب وكأن المنزل يعيش في ظلام دامس.. استغربت.. ولكن مع ذلك وضعت يدي على الجرس في تردد ، ثم ضغطت عليه بعد شهيق طويل.. ولكن السكون لا يزال يعم المكان.. حتى ابنهم الذي لا يكف عن الحركة ، لم أسمع له حسا!.. تخيل!!

ضربت الجرس مرتين ، وثلاثة ، وأربعة.. ولا رد!! فقلت في نفسي/

- الجماعة ديل شكلم دقسو وراحت عليهم نومه ، لازم أشوف طريقه أصيحهم. فاتصلت بهاتفي المتحرك لأختى ، وأيقظتها من نومة هادئة ، وسألتها من رقم هاتف منزل (...) ، فأعتطني الرقم. اتصلت بهم مباشرة ورن جرس الهاتف ، وأنا أسمعه من الخارج ، ولكن ما من مجيب!.. فكررت المحاولة ولم أيئس ، والجرس يرن.. ويرن.. ويرن... حتى.. ردت "خالتو (...)" أخيرا فقالت بصوت كسول جدا جدا جدا!/

- "أأأأأأأأألوو"

قلت بصوت حيوي ومنفعل /

- أنتو وين يا جماعه.. الطيارة حتفوتكم

سكتت قليلا وكأنها تحاول إستعاب ما يجر ، ثم سألت بتعجب/

- إنته منو؟!

قلت/

- ياخ أنا حارس ، يلا أجهزو سريع مافي وكت ، أنا واقف لي مده بره ، والساعه قربت على خمسه وربع.

سكتت ثانية ثم قالت/

- يا حارس احنا قلنا ليك تعال الساعه خمسه العصر مش خمسه صباحا!!!!

وهنا كانت الصاعقة! ، فصمَّتُ لثانيتين أو ثلاثة ، وجهل وجهي عن التعبير عن الصدمة! ثم أطلقت ضحكة هستيرية وأنهيت المكالمة وأنا أعتذر بشدة عن الإزعاج!

وعدت للبيت ، وأنا أضحك طول الطريق ، وألعن غبائي عندما وصلت إلى البيت ولم أستطع النوم إلا الساعة التاسعة بسبب فنجان القهوة اللعين!

***

وعندما عدت لمنزل (...) في اليوم التالي ، بعد إثنتي عشر ساعة من أحداث الفجر المشؤوم. اقتربت من الباب ، وصوت الحركة داخل المنزل في كل مكان ، وابنهم التقطت أذناي حركته على بعد أمتار!

ضربت الجرس بكل ثقة هذه المره ، وفتح لي عمو (...) الباب ، وضحكة كبيرة ملأت المكان عندما رآني ، فحياني قائلا/

- أووو.. وين يا بيــّاع اللبن!!


أبوظبي ، 22 أكتوبر 2002

Subscribe to: Posts (Atom)