مثله كأي يوم آخر ذهبت لمقهى "بيتس" أحتسي قهوة أعلم عن يقين أنها تماما ما كنت أفتقد في تلك الساعة. وعندما تذهب لمقهى "بيتس" يوميا مرة أو اثنتين فلابد أن تدرك بعضا من الوجوه المألوفة.. أو الزبائن المخلصين. ومن بين الزبائن المتكررين رجل كبير في العمر.. ربما يكون في أواخر العقد السابع. أراه كل يوم يأتي وحيدا.. يشرب القهوة.. وحيدا.. ثم ينصرف.. وحيدا.. دون كلمة.
كان يلفتني إليه أمرين ، أنه وحيد دائما.. حتى من كتاب. فقلت في تحليل نفسي داخلي أنه ربما يسكن في دار العجزة الذي هو على بعد خطوات من مقهى "بيتس". أما الأمر الثاني فكان في طريقة شربه للقهوة. فهو يحتسي شرفة ثم يضع الكوب على الطاولة بقوة وبطريقة مزعجة تجعلك تخشى على الكوب أن ينكسر في أي لحظة ، وتجعلك تأسف كل حين على قعر الكوب وأن تسمعه يتوجع ويئن!
ولكن في عصر ذلك اليوم بالتحديد بدا الشيخ الكبير مختلقا. فلم يكن وحيدا. كان معه جهاز كمبيوتر محمول ، فنظرت إليه خلسة في إعجاب وقد بدا من حركاته إنه متمكن من استعماله. وما هي إلا دقائق قليلة حتى رأيته يتحرك نحوي ولأول مرة أسمع له حسا! كان مختلقا ولا يشبهه إطلاقا! كان أكثر قوة وثقة. قال:
- هل تسمح لي بدقيقة ، أريدك أن تريني كيف أستطيع الاتصال بالشبكة اللاسلكية من جهازي المحمول.
وكان ذلك بداية الحوار الديمقراطي... وللحديث بقية.
February 11, 2010 2:09 AM
منتظرين يا باشا
واصل
سعد