Harith's Space!

In "Harith's Space!" I share some personal feelings, memories, thoughts and observations. Help me to make this space positive by allowing me to learn from your feedback.



دخلت الطائرة في هذه الأثناء الحدود الأمريكية اليابسة ، تلك البلاد التي لا يعرف إلى اليوم من أول من وصل إليها. فبعد أن حفظنا بعناء اسم كريستوفر كولمبوس في المدرسة ، تقول اليوم كل النظريات والبراهين اليوم "عفوا كولمبوس ولكنك لست أول من وصل أمريكا!".

المهم ، وصلت للبلاد التي قال عنها الرئيس الفرنسي المعروف بآراءه الحادة تجاه أمريكا شارل ديجول ساخرا "الحضارة لا تشترى بالمال!". وإن في تصوري أن الموقع الجغرافي للولايات المتحدة هو واحد من أهم الأسباب تقدمها ، وإن بعد أمريكا عن أوربا وآسيا وأفريقيا أمان بحد ذاته. فالشعب الأمريكي عاش بعيدا من أي شيء ، فهو إلى اليوم لم يعرف حربا في بلده ، ولايزال يستمع عبر شبكة الـ
CNN عن الحروب التي تشارك فيها قواته في دول أخرى كفيتنام ، وكوبا ، والعراق. ولكنه لم يعش الحرب ، ولم يعش خوف الحرب أبدا ، فلم تضرب بلاده لا بقنبلة نووية فاحجتاجوا لإعادة تعمير تحتية ، ولا حرقت المدن فاحجتاجوا للرحيل. اللهم إلا حادثة (بيرل هاربور) اليتيمة ، عندما تجرأ اليابانيون واخترقت طائراتهم وحاملات الطائرات كل الرادارات الأمريكية بدهاء مثير ، فضربوهم في عقر دارهم. ولكن انتقام الأمريكان كان أكبر ، فردوا عليهم بإلقاء القنبلة النووية الشهيرة ، لمن تجرأ ومس ريش النسر الأمريكي العظيم! ن

نظرت من النافذة لهذه البلاد ، كل ما وجدته كان أبيضا.. فالثلج يعم المكان.. المياه مجدمة ، والأشجار يغظيها الجليد بعدما قرض كل ما فيها.. تذكرت حينها بيت شعر جميل جدا لدبلوماسي السودان الأول (محمد أحمد المحجوب) عندما مرَ بموقف مشابه تقريبا ، فكان كذلك في الطائرة وفي أواخر أشهر الشتاء ، فعبرت طائرته جبال الألب ، فنظر من نافذته ووجد الجبال وقد بدأ الثلج بالزوال ، ليظهر اللون الأسود مرة أخرى ، فقال وهو ينظر إلى تلك الجبال ( ليت شيبي موسمي مثلها.. يسدل الصيف عن صباها القناع). وسر حفظي لهذا البيت هو أن والدي -صاحب الشعر الأبيض منذ عقده الثالث- يعلق هذا البيت من الشعر في مكتبه!.


بدأت الطائرة بالهبوط تدريجيا في مدينة نيوجيرسي ، وعندما عبرت الطائرة مدينة نيويورك ، وظهرت عروسها منهاتن دون حلقها المتدلي الشامخ ، تذكرت اليوم الذي فقدتهما ، إن يوم الحادي عشر من سبتمبر لعام 2001 سيظل محفورا في قلب كل أمريكي بلا شك.


الكل الآن في الطائرة في حالة استعداد للهبوط ، فربطنا حزام الأمان ، والطائرة تهبط تدريجيا بكل هدوء حتى أنزلها قائدها بكل براعة وخفة في أرض الولايات المتحدة الأمريكية في تمام الساعة الثامنة وأربعون دقيقة صباحا في اليوم الأخير من عام 2002.


0 comments

Post a Comment

Subscribe to: Post Comments (Atom)