Harith's Space!

In "Harith's Space!" I share some personal feelings, memories, thoughts and observations. Help me to make this space positive by allowing me to learn from your feedback.


زرت باريس.. أخيراً. مدينة كل ما فيها جميل. شوارعهـا جميلة.. بيوتها جميلة.. فتياتها جميلات ومقاهيها جميلة جدا! أكثر ما أعجبني في باريس هو مقاهيها المنتشرة في كل الأزقة والشوارع ، وتلك الجلسة الجميلة المطلة على الجمال. ما أحلى أن تجلس في أحد تلك المقاهي وأنت تحتسي فنجان اسبيريسو جميل ، على شارع جميل ، يمر به نسيم جميل ، تقرأ كتابا جميلا أو تكتب شيئا علّه يكون جميلا. تذكرت في هذه المدينة صديقين عزيزين أعرف تماما أنهما سيغرقا في عشق هذه المدينة وهما إبراهيم مأمون وهمام شوقي وذلك لحبهما للقهوة والمقاهي ، ولتقديرهم للجمال.

باريس مدينة تحسسك بأن شهيتك للحياة قد تضاعفت. فيها انشراح مثير للروح ، وراحة نفسية فريدة. جئت لباريس بلا أجندة واضحة ، ولكني قرأت وسألت فعرفت أنـهـا عاصمة الجمال. وفي الجمال راحة.. ولهذا كان اختياري. راحة ولا مانع لبعض من الجمال!

أحسسني ذلك الأمريكي الذي جلس قربي في الطريق لباريس بأني بعيد عن النظام ، وأنني لم أخطط لرحلتي جيدا. فقد وجدت معه جدولا كاملا مفصلا عليه برنامجه ، فكان يعرف تماما أين ومتى سيكون في كل ساعة أثناء وجوده في باريس! أما أنا ، فقد قرأت كتابا وبناءا عليه خرجت بقائمة من الأماكن التي أود زيارتها. فلم أحدد أين ومتى سأكون.. أردت عن قصد أن لا ألزم نفسي بشيء.. لماذا؟ لأني في إجازة!

تعجب البعض كيف تذهب لباريس لوحدك. قلت في نفسي ذلك عنصر هام في الإجازة! أردت إجازة دون تقييد.. دون مجاملات ، ومواعيد ، والتزامات. إجازة هادئة.. أقوم فيها من النوم دون منبه ، فأستيقظ وأنام متى شئت. إجازة أحدد فيها أين وكيف سأقضي يومي قبل خروجي بدقائق.. عند تناولي للإفطار. ويمكنني أن أغير برنامجي حينما شئت.. حسب مزاجي ، دون الحاجة إلى تنسيقات ومكالمات ومشاورات. إجازة أأكل فيها متى شئت وأينما وددت.. إجازة لا أنظر فيها إلى الساعة ، فلست متأخرا أو مبكرا على شيء ما.. لأنه ليس لدي موعد محدد لأي شيء!

لا يا عزيزي ، لست أنانيا.. ولكني في إجازة! الإجارة ليست سفرة أو تغيير للمكان فقط. وإنما الإجازة تجديد للروح بكسر الروتين ، والخروج عن المألوف ، والتخلص من المفروض. فإن وُجد في سفرتك أي من هذه العناصر (الروتين – المألوف – المفروض) فأنت مع الأسف لست في إجازة... سمّها نزهة أو رحلة أو شيء من هذا.

كذلك الطفل الجميل الذي يبكي الآن قربي لأن والدته أجلسته في كرسيه المتحرك ثانية. تبدو ملامحه خليجية.. كذلك والديه. أراد المسكين أن يكمل جريه حول البحيرة في هذه الحديقة الجميلة. ذلك الطفل على سبيل المثال ليس في إجازة .. لو الخيار له فسيجري لساعة أو اثنين ثم سيجلس بنفسه في الكرسي دون أن يسأله أحد. وعندما أقعدته أمه في كرسيه ، مارس سخطه على الروتين والمألوف والمفروض بالبكاء.. وهو وسيلته الوحيدة في هذه السن. وسيتغير اسلوبه بمرور الزمن ، فسينتقل من بكاء إلى عناد إلى سخط وضجر إلى مجاملة مزيفة ، ثم أخيرا إلى صمت. وقد يبلغ مرحلة الصمت إما قبل الثلاثين بقليل أو بعد الثمانين بقليل!

ولكي نضع النقاط فوق الحروف ، فقد زرت عددا لا بأس به من المدن ، ولكن باريس بهرتني ، وأثبتت لي أنـهـا أجمل ما رأيت على الإطلاق. أحسست فيها بطمأنية ذهبية وسكينة دافئة.. كتلك التي تحسها عندما تكون مع المحبوب. فغادرتها وأنا مسرور جدا ، و موقن تماما بأني سأعود من جديد كلما وددت أن أحرر نفسي.. من الروتين والمألوف والمفروض!


ح.ع - باريس – 4 سبتمبر 2007








فريد.. مميز ..نادر ومختلف بكل ما تحمله الكملة من معاني ودلالات.. مباشرة أو غير مباشرة. إنه أخي وصديقي علي مأمون حسن.

في (علي) نظرة تفاؤل تدعو للدهشة ، ومراجعة النفس عن نظرتنا المتشائمة. فهو يرى بغرابة كل شيء بمنظار أبيض متفائل ، فيفسر كل حدث أو سلوك تفسيرا إيجابيا. ببساطة عقله لا يعرف كيف يترجم شيئا ما بالسلب ، وكأنه لا يعيش معنا في هذا الزمان ولا يسمع أخبار هذا الزمان!

كلما تواعدنا وجاء متأخرا أجد أن سبب تأخره أنه كان يفعل شيئا لشخص ما.. وليس لنفسه ، فهو آخر من يفكر في نفسه. وهو إن وعد أوفى ، وإن قَبِل مساعدة شخص ما فسيجيد ويخلص. وعندما أسئله بضيق لم تأخرت يجيب بابتسام شديد.. ساهرت البارحة لأن فلاننا أراد أن أساعدة في (..) أو وجدت سيارة معطلة في الطريق فتوقفت لأساعد صاحبها. فأخجل من نفسي عندما أعرف السبب ، وأخجل أكثر عندما أرى بسمته التي لا تفارق وجهه. ففي (علي) صفات سـودانية أصيلة لو قسمت اليوم على حي ما بالخرطوم لعاد الاتزان في المجتمع ، وعادت النفوس لأصولها الطاهرة النقية. وهو كثير الكرم والإيثار لذا دائما ما أناديه بحاتم الطائي! وهو لا يعرف الكذب أبدا ، وإن إضطرته الظروف ليكذب ، اتصل بي وهو في حزن واحباط شديد.. فأواسيه أن الكذابين كثر في هذا الزمان!

كذلك (علي) في نظام أكله مختلف. فهو يقسم وجباته الثلاث إلى عشرة أو ربما أكثر بقليل! فهو دائم الجوع ، ولكنه يتوقف عن الأكل حالما أحس بعدم الجوع وليس الشبع. وهو بالمناسبة نظام صحي جدا. ولذلك تجد ثلاجته وسيارته كذلك مليئة ببقايا طعام من المطاعم! أما المضحك أكثر في نظامه هذا أنه يستمر عليه حتى بعد أن ينام وتسرقه الأحلام. فتجدة يستيقظ أكثر من مرة أثناء الليل ليفتح الثلاجة ثم يسخن شيئا على (المايكروويف) فيأكل بتلذذ شديد وكأنها الثالثة ظهرا وليس صباحا.. ثم يعود إلى نومه من جديد مواصلا أحلامه!

وعندما سرحت شركته كل الموظفين قبل شهرين ، لم يقلق أو يبك كغيره بل استمر في ابتسامه وكأن شيئا لم يكن… لا زال متفائلا ، ولازال ضاحكا مبتسما فعالج كل أموره ببساطة وهدوء شديد. وكان لذلك التفاؤل والابتسام نصيبا من ذهب عندما حصل على فرصة عمل ممتازة في الاسبوع الماضي.

عذرا يا علي ولكني أيقنت للتو أنك لست غريبا.. بل نحن الغرباء.. أنت الأصل ..ونحن نتاج العولمة والتحضر مع مزيج احتكاكات سلبية.

أما حان وقت الرجوع لجذرونا؟ أليس هذا انسان من زمان آخر؟

باريس – 1 سبتمبر 2007


* الصورة لعلي مع أوراق قبوله في جامعة كالفورنيا - بيركلي للتحضير في إدارة الأعمال MBA

Subscribe to: Posts (Atom)