مما لا تخطئه العين عن طبيعة سيؤول أنها جبيلة. فالمدينة كلها عبارة عن مرتفع وراء آخر. فلا يمكنك السير طويلا دون أن تتسلق أو تهبط من مرتفع ما. وعندما تسير بك السيارة في أي من هذه المرتفعات سترى شوارعا وأزقة ضيقة مكتظة بالحركة والسكان. والسير في هذه الجبال أو المرتفعات كلعبة الدهليز! متاهة كبيرة!
وهنالك تذكرت معلومة استعجبت لها وأنا أقرأ كتابا عن سيؤول قبيل وصولي تقول بأن معظم شوارع سيؤول لا تحمل أسماءا ، وأن الوصف لا يتم دون ذكر أي من المعالم المعروفة كأن تقول قرب القصر الفلاني ، أو شمالا لمركز الشرطة في المرتفع الفلاني.
الشكل العام للمدينة كان مغايرا قليلا لما توقعت. لسبب أو لآخر اعتقدت بأنها ستكون شبيهة بطوكيو ، ولكنها لم تكن تماما كذلك. بل أحسست بأنها مزيجا بين بكين (رغم أني لم أزرها) وطوكيو.. وإن كانت أقرب إلى بكين حسب ما أتخيلها. وفي قراءة بسيطة لتاريخ كوريا يمكنك أن تعرف السبب.. فكوريا لم تعرف الاستقلال إلا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية والهزيمة الشهيرة لليابان. قبلها ولقرون ظلت كوريا (الجنوبية والشمالية) إما مقاطعة صينية أو يابانية. أما التاريخ الكوري فلا يذكر الاستعمار الياباني إلا بكل شر ، ولا يذكر الصيني إلا بكل وكل الخير! رغم أن لكلاهما فضل كبير في النهضة الكورية ، ولكن يبدو أن قسوة وبطش المستعمر الياباني كان أثرهما أكبر في نفوس الناس.. فتلاشت واختفت كل الحسنات. وهي طبيعة الانسان على أي حال...
وفي مدينة سيؤول متحف كوريا الوطني ، وهو من الضخامة أنه يقال إن مررت على كل أدواره وأقسامه فكأنك مشيت ثلاثة كيلومترات. وعلى نفس أرض المتحف في يوم من الأيام كان مقر الإدراة اليابانية عندما كانت كوريا جزءا من اليابان. وبمجرد خروج اليابان بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ثم هدم المبني بالكامل في إشارة للحرية والاستقلال. حتى تقرر في عام 2005 بناء هذا المتحف العملاق على نفس المكان.