وصلت في عصر يوم كان للمطر والغيم سيادة وغلَبَة ، فلم أنعم برؤية أي شيء من نافذة الطائرة سوى سحبا وغيوما أخلت بسكون الطائرة فأدخلت في نفس (البوينج 777) حرجا كثيرا وهي تظهر الثقة ، وتدعي الثبات. السفر متعة ومشقة ، وما من متعة أكبر من أن يسافر معك أحدا كصديقي إبراهيم مأمون ، فتختفي المشقة وتظل المتعة. فضحكنا وكأننا لم نضحك من قبل وتوادعنا وكأننا لن نلتق من جديد!
لا أذكر من قال بأن قيمة البلد في انسانه ، ولكن مهما كان فقد صدق. والصدق أصدق عندما يأتي ذلك لوصف الشعب الياباني. فلو سألت ما أكثر ما أثار إعجابي في اليابان ، لأجبت دون تفكير كثير وقلت (الناس)! أعجبني روح وطريقة اليابانيين في التعامل. فإن سألت أي شخص.. غريبا كان أم قريب لأجاب سؤالك بكل إخلاص وتفاني حتى ولو لم تخدمه اللغة. فمن المستحيل أن يجيبك بسرعة بعدم المعرفة ، بل سيحاول التفكير والتحليل والاستنتاج ، كي يأتيك بأحسن وأدق إجابة مدعمة بالأدلة وأدق التفاصيل! لأمر ما كنت أعتقد عكس ذلك عن الشعب الياباني ، أو بالأحرى قد هيأت نفسي إلى غير ذلك تماما. ولكنني أحسست بترحاب كبير بكل الأجانب. ترحاب بعيد عن التصنع والتكلف. وهم يسعدون جدا ويقدرون كذلك إن حاولت نطق كلمة يابانية في السؤال أو الشكر.
قول أخير.. إن زرت اليابان ومرّت عيناك على كل ما تراه مرور الكرام ، ودون تركيز أو تأمل فقد ظلمت شعبـا! فالسر في اليابان لا يكمن فقط في التأمل في كل ما يبدو غير عادي ، بل يتعدى ذلك في إدراك الشبه بين الأشياء المختلفة ، والتشابه بين الأشياء المختلفة! فإن أدركت هذه الأشياء ، وتمعنت في سلوك وتصرف الناس لتوصلت إلى جوهر الأمر. ومهما قلت ووصفت فستظل دائما الحقيقة أروع من الخيال!