وفور خروجه بدأ التحضير لبناء مقبرة لزوجته الراحلة. فاستعان بمعماري تركي مسلم ليشيد (تاج محل) ليصبح قبلة للأنظار. وضع أول حجر بعد سنتين من وفاتها ، واستغرق بناء القصر 22 سنة ، وشارك في بناءه 22 ألف عامل وأحيط باثنين وعشرين قبة لتمثل عدد سنوات البناء. والقصر كله مبني من رخام من نوع خاص ، وزيّن بأحجار كريمة جمعها من جنوب أفريقيـا ثم زخرف القصر بسور من القرآن الكريم في كل مكان.
تقع مدينة (أكرا) على بعد 3-4 ساعات بالسيارة جنوبا من مدينة نيودلهي عاصمة الهند. وهي مركز مملكة (المغل) وقد كانت أكبر وأقوى مملكة في الهند خلال القرن السادس عشر. أسسها الجد الأكبر للعائلة (جلال الدين محمد أكبر). وكما يشير الاسم فقد كانت مملكة مسلمة ذات أصول فارسية. وقد كان (أكبر) رجلا أميا وعلى قدر كبير من الحكمة والذكاء. كانت له ثلاث زوجات.. نصرانية ، وهندوسية ، ومسلمة. كان يضرب به المثل في العدل الذي أقامه بين زوجاته رغم اختلاف دياناتهم ، فتجد في قصره نقوش ذكية ترمز للاسلام والمسيحية والهندوسية في آن واحد. ومن زوجته المسلمة زرق فيما بعد بحفيده (شاه جهان) الذي خلف المملكة بعد والده وجده (أكبر). أما (شاه جهان) فهو من شيد ذلك الصرح العجيب (تاج محل) تخليدا للحب الكبير الذي جمعه مع زوجته التي رحلت في شبابها (ممتاز محل).
لم تكن رحلة الوصول للهند بالطريقة التي تمنيت أن تعلق في ذاكرتي. أقلعت الطائرة من دبي في ليلة سمائها مغطاة بغيوم كثيفة وكأنها تتعمد أن تخفي أشياءا غير سارة ، فتضيئ السماء في كل حين في إنذار غير سعيد. كان في ذلك اليوم ذلك السكون الغريب الذي كلما شعرته أيقنت أن العاصفة قادمة لا محال... ومع ذلك أقلعت الطائرة!
كنت أعتقد حتى تلك الليلة أنني رأيت في أسفاري الأسبوعية أسوأ ما يمكن أن أراه في عالم الطيران... من مطبات هوائية عنيفة إلى إنذارات خاطئة. ولكن ما رأيته في تلك الليلة "الساكنة" قد فاق كل التصورات! باختصار لم تعش طائرة الإيرباص 330 – رغم كبر حجمها – أكثر من خمس دقائق من السكون في أول ساعتين من الرحلة... فترنحت يمينا ويسارا كسكير طائش ، وقامت وقعدت كطفل يتعلم السير. رياح قوية وعنيفة تعاند اتجاه وحركة الطائرة ، فتسمع صوت المحرك وكأنه يموء كقطة تدرك تماما خسارتها للمعركة. لم ينطق قائد الطائرة إلا بعد سـاعة كاملة من الإقلاع ليعتذر على سـوء الأحوال الجوية ثم أعلن معتذرا ثانية بأن الحال سيستمر كما هو حتى نصف الساعة الأخيرة من الرحلة!
قلت مازخا للمضيفة الانجليزية وهي تصب لي القهوة قبيل الهبوط في مطار مومباي إن رأت رحلة بهذا السوء. فأجابت بالإيحاب ، ثم أردفت بصوت خافت أنك محظوظ لأن تجلس في مقدمة الطائرة ، فلو كنت في ذيل الطائرة حيث يجلس المضيفات لرأيت عجب العجاب. ثم أضافت بصوت خافت أكثر بأن بعض المضيفات قد تصببن عرقا واصفرت واخضرت وجوههن!
هبطت الطائرة بكل هدوء رغم ما عاشته بين السماء والأرض من حال أبعد ما يكون من الهدوء. رأيت قبيل الهبوط من نافذة الطائرة وقبل المدرج بأمتار قليلة بيوتا تبدو كالأكشاك.. كانت صغيرة وكثيرة ومبنية من خشب شاخ وكبر حتى تلون بمزيج ألوان نتاج عوامل طبيعية مختلفة. تعجبت من العدد والحجم. انتهيت من إجرائاتي فور الوصول في زمن قصير جدا ، ووجدت السائق في انتظاري معلقا لافته عليها اسمي رغم خوفي مسبقا من التأخير. أستلم السائق الحقائب وانطلقنا في الحال إلى مدينة (بونا) حيث سأكون في الأربعة أسابيع القادمة.
One year ago 'Harith's Space' was born. I described on my first post (Thanks Tim Berners-Lee!) why I decided to blog. Today after 12 months, I find that I had 60 posts in 1 year. This is definitely a lot more than what I expected. I am very delightful to see the number of visitors is increasing as well, though I did not make any effort to broadcast my blog.
Thanks everyone for the encouragement and the support. Without that, I would not continue blogging.