وخلال عملها كسفيرة فقد زارت عدد من مناطق المجاعات والنازحين في أفريقيا. فزارت سيراليون ، دارفور ، أثيوبينا ، ورواندا. احترمتها جدا بعدما علمت من اللقاء بأنهـا قد خصصت ثلث من دخلها السنوي للمجاعى والنازحين حول العالم. قد يقول مغالط للحقيقة بأنها تحصي الملايين ، وثلث من دخلها لا يعني شيئا. ردي المهذب سيكون وإن كان ذلك الثلث لا يعني شيئا فهو يعني الكثير الكثير لهؤلاء المسـاكين... أولم تسبق غيرها من الأثرياء العرب والمسلمين وهم أكثر مالا وذهبا؟!
حكت أنجلينا خلال اللقاء كيف أن زيارتها الأولى لسيراليون هي بمثابة نقطة تحول في حياتها. وكيف أن تلك الزيارة قد عمقت فهمها للحياة ومآسي العالم الآخر. وبالطبع لم يخلو الحديث من مشاهد وصور تثير القلب قبل الدمع. وكما يقول الأستاذ الطيب صالح "الشيء بالشيء يذكر" فالمذيع نفسه (اندرسون كُـوبر) من المذيعين الذين رأو تلك الأماكن الحزينة من العالم فقد زار الصومال ورواندا والنيجر، وكأنه قد سمع بمقولة الطيب صالح فعقب على قصص انجيلينا بقصة طفل من النيجر. ذلك الطفل المسكين مات أمامه بعد أن رأى وعاش أهوال الحرب. لم يرى ذلك الطفل سوى ست سنوات كلها صراخ وبكاء وجعير. دفن المسكين في مقبرة جماعية مع أطفال كثر من سنه.. دفن في حفرة من تراب فلا اسم قرب قبره يسميه ولا حَجَر يميزه.
لماذا احكي كل هذا؟ حقيقة لا أدر ولكن تلك الحلقة أثارت في ذهني افكارا كثيرة جعلتني أقول لو ولو ولو. وكم أكره تلك الكلمة.. حرفين ولكن وقعهما كبير.. أحسست بالتقصير ، بل وأحسست لأول مرة بأن التبرع المادي لا يسمن ولا يغن من جوع.
المأساة يا أخوتي أكبر.. ما مصير من يتمته الحرب؟ وما مصير من أعاقته الحرب فقطعت أطرافه؟ وما مصير تلك الجميلة التي أُحرق وجهها فغطت القروح كل ذلك الجمال؟ وما مصير من أدخلت الحرب في نفسه عقدا وحواجز ليس بمقدور إلا رب العالمين حلها ؟ فكرت وقلت حتى لو عاد هؤلاء النازحون لديارهم فقد بلغ ظُلمهم أن فاتهم الكثير وخسروا أشياءا لا تعوض إلا أن تكتب لهم حياة أخرى. تذكرت الأطفال وودت لو أن بيدي أن أذهب لأحد تلك المعسكرات لأعلمهم القراءة والكتابة.. هم المستقبل والأمل معقود عليهم وهم - ولا أحد غيرهم – من سيقدر على رسم المستقبل وتصحيح أخطاء وبطش آبائهم الحكام.
وكان الله في العون..