زرت الوطن الحبيب في مايو ٢٠٠٦ بعد غيبه اوشكت ان تتم اربعه سنين. ولأن اراده النفس ليست دائما غلابه فلم اقضي اكثر من اسبوعين ، ولكنها كانت كافيه لتسجيل بعض المشاهد والملاحظات
١- المشهد الأول: اشارات مرور وتخطيط مروري واضاءه
من ما لا تخطأه العين هو التقدم الملحوظ في تخطيط مدينه الخرطوم. الشوارع الرئيسيه الكبرى ازدادت اتساعا ونظافه واضاءه. من الواضح ان المظهر العام للشوارع اصبح اخيرا من اولويات الولايه. انتشرت الاشارات المروريه في كل مكان فنظمت الحركه وقللت الهرج والمرج في التقاطعات... رُصف الكثير العديد من الشوارع الفرعيه والجانبيه فسهلت الحركه ووفرت زمنا ليس بالهين. اندهشت حينما استقليت سياره من الحاج يوسف للمنشيه ولم يآخذ الطريق سوى عشره دقائق! مشوار كهذا كان يأخذ على الأقل ساعه ونصف قبل تشييد كبري المنشيه الجديد
٢-المشهد الثاني: قوانين المرور
رغم التقدم الملحوظ في تخطيط الشوارع الا ان كثيرا من السائقين يعاني من مشاكل في فهم القانون. قد يكون عن جهل أو تجاهل (وهو اخطر) فرأيت المناظر التاليه بشكل مكرر:
١- سيارات تقطع الاشاره الحمراء،
٢- سيارات لا تتوقف عند اشاره الوقوف فتسبب اكتظاظا للحركه في مناطق التقاطع والدوارات.
٣- سياره مسرعه على الخط الأيمن وأخرى بطيئه جدا على الخط الأيسر.
من الضروري تكثيف برامج التوعيه والارشاد في هذا الجانب كي تتم الاستفاده القصوى من نتائج تحسن التخطيط
٣- المشهد الثالث: حركه عمرانيه
من الواضح ان الخرطوم بدأت مرحله التنافس في تطاول وفخامه البنيان. عدد لا يحصى من ناطات السحاب قيد التشييد وكلها ذات تصميم فائق الجمال. أكثر ما أعجبني هو فندق الفاتح من سبتمبر
٤- المشهد الرابع: الأوساخ
من الصعب جدا جدا ان تجد سله مهملات في اي مكان مما يجعل اطراف الشوارع وعاءا لهذه المهملات! منظر يلقي في النفس شيئا من الحزن عندما ترى شخصا يشرب شيئا ثم يرميه دون ادني شئ من الحياء او التردد. الولايه بحاجه الى تنصيب سلات المهملات في كل مكان ، بل وجعل النظافه هدفا للولايه.. فلا جمال دون نظافه
٥- المشهد الخامس: أماكن كثيره للتنره
ولكل الأذواق! المطاعم بمختلف أنواع المأكولات لا تحصى وكذلك المقاهي. أُِعجبت بالامتداد الجديد لشارع النيل (خلف منطقتي بري وجاردن سيتي) حيث خُضرت اطراف الشارع واضيئت فجعلت المنطقه ملاذا للعائلات والعشاق ومحبي السمر! منظر ما في ذلك الشارع اثار انتباهي هو وجود عدد غير بسيط من السيدات الذين اتو لممارسه رياضه المشي..
٦- المشهد السادس: الاحساس بالزمن
وأقول الاحساس بالزمن وليس بالاتزام به! فالفرق كبير.. فالثاني مزمن والأول قاتل! لازلت اسمع بشكل متكرر كلمات كهسي وبعد شويه. كلمات يصعب ربطها بزمن معين لاختلاف معناها من شخص لآخر. كلمه كهسي تعني لي "خلال دقيقه او اثنتين" ولكنها تعني لأخر -ولا اعرف كيف- "خلال ساعه او اثنين"! كنت في طريقي للشماليه (القرير تحديدا) عندما اشتريت تذكره الباص فسألت السائق متى المغادره فأجاب بابتسامه اظهرت بعض من التمباك بين اسنانه بأنه سيتحرك "أسي".. يعلم الله اننا لم نغادر إلا بعد ساعتين من تلك الابتسامه!! ثم قيل لي فيما بعد ان "كراعك بارده".
كل ما رأيته وسمعته بتقييم عادل هي بالايجاب . تعلمت أن لا أبخس الناس حقها فعلي القول بأنه قُطع شوط كبير وبقي أكبر. أُنجز كثير وسينجز بعون الله اكثر. قد اتحدث بعاطفه وهو أمر لا سلطان عليه ولكنه مدعوم بأرقام وحقائق لا تعرف الكذب ولا النفاق. أرقام لم تشرب النيل كي تتعطش لشربه .. أرقام وجداول وبيانات لم تر التقاء النيلين في المقرن كي تحن.. خلاصه القول غادرت السودان راضيا مرضيا.. مطمئنا متفائلا وفي داخلي طبول ودفوف تدق وتقول "عائد.. عائد.. عائد"